في سوق مستلزمات الحيوانات الأليفة المتنامي في مصر، يبحث المربون دائماً عن الأفضل لقططهم وكلابهم. القاعدة الذهبية التي يسمعها الجميع هي: "تأكد من أن اللحم هو المكون الأول". ولكن، ماذا لو أخبرتك أن هذه القاعدة أصبحت وسيلة تسويقية مخادعة أكثر من كونها مقياساً للجودة؟ تعتمد الكثير من الشركات العالمية والمحلية على ثغرة قانونية في تسمية المكونات تُعرف باسم "تجزئة المكونات" (Ingredient Splitting). هذه الحيلة تسمح للشركات بتقسيم مكون رخيص وغير مرغوب فيه، مثل الذرة أو البازلاء، إلى عدة أسماء فرعية لتظهر بوزن أقل، مما يدفع اللحم (الذي يُحسب وزنه وهو نيء ومليء بالماء) إلى قمة القائمة. إن فهم مكونات طعام الحيوانات الأليفة بشكل صحيح يتطلب نظرة فاحصة تتجاوز المكون الأول، وهو ما سنتعلمه بالتفصيل في هذا الدليل الشامل المخصص للمربين في مصر.
ما هو أسلوب تجزئة المكونات وكيف يتم تطبيقه؟
تجزئة المكونات هي عملية حسابية ذكية تهدف إلى تضليل عين المستهلك. في مصر، نجد العديد من أنواع "الدراي فود" المستوردة والمحلية التي تتبع هذا النهج. بدلاً من كتابة "ذرة: 40%" في قائمة المكونات، تقوم الشركة بتقسيمها إلى: دقيق الذرة (15%)، جلوتين الذرة (15%)، وحبوب الذرة الكاملة (10%). بوزن كل عنصر على حدة، يظهر اللحم (الذي قد يمثل 20% فقط من الوزن الكلي وهو طازج) في المرتبة الأولى، بينما في الحقيقة، تمثل مشتقات الذرة مجتمعة ضعف كمية اللحم.
لماذا يفعلون ذلك؟ لأن المستهلك المصري أصبح أكثر وعياً ويبحث عن الأطعمة الغنية بالبروتين الحيواني. الشركات تدرك أن ترتيب المكونات يعتمد على الوزن قبل الطبخ. وبما أن اللحم الطازج يحتوي على نسبة عالية من الماء تصل إلى 70%، فإنه يزن أكثر من الحبوب الجافة في مرحلة الخلط. ولكن بعد عملية التصنيع والتعريض للحرارة العالية، يتبخر الماء من اللحم ويتقلص حجمه، بينما تظل الحبوب محتفظة بوزنها، مما يجعل المنتج النهائي عبارة عن وجبة من الكربوهيدرات مغلفة برائحة اللحم.
لفهم الحقيقة، عليك تجميع عائلة المكونات الواحدة ذهنياً. إذا رأيت القمح أو البازلاء أو الذرة مكررة بأسماء مختلفة في أول خمسة مكونات، فاعلم أن أليفك يتناول وجبة حبوب في المقام الأول. هذا التلاعب ليس غير قانوني، لكنه يفتقر إلى الشفافية التي يحتاجها المربي لضمان صحة حيوانه.

اللحم الطازج مقابل مسحوق اللحم: أيهما أصدق؟
عند التجول في محلات مستلزمات الحيوانات الأليفة في القاهرة أو الإسكندرية، ستجد عبارات مثل "دجاج طازج" تتصدر الواجهة. وهنا تكمن الخدعة الثانية المرتبطة بتجزئة المكونات. اللحم الطازج جذاب تسويقياً، لكنه كما ذكرنا، يفقد معظم وزنه أثناء الطبخ. في المقابل، نجد مكوناً آخر يسمى "مسحوق لحم الدجاج" (Chicken Meal). على الرغم من أن الاسم قد يبدو أقل جاذبية، إلا أن مسحوق اللحم هو بروتين مركز تمت إزالة الماء منه بالفعل قبل الوزن.
لذا، إذا رأيت "الدجاج" كمكون أول، متبوعاً بأربعة أنواع من البازلاء المجزأة، فإن كمية البروتين الحيواني الحقيقية بعد التصنيع ستكون ضئيلة جداً. أما إذا وجدت "مسحوق اللحم" في مرتبة متقدمة، فهذا يشير غالباً إلى محتوى بروتيني أكثر استقراراً وصدقاً. في المناخ المصري الحار، يحتاج أليفك إلى بروتين عالي الجودة للحفاظ على طاقته وصحة فرائه، وليس مجرد سعرات حرارية فارغة من الحشو.
يجب على المربين أيضاً الانتباه إلى مصطلحات مثل "مشتقات حيوانية" أو "دهون حيوانية" دون تحديد نوع الحيوان. هذه المصطلحات الغامضة غالباً ما ترافق عمليات التجزئة لإخفاء مصادر بروتين رخيصة وغير معروفة المنشأ. الشفافية تبدأ بتسمية المصدر بوضوح، مثل "دهن الدجاج" أو "لحم البقر المجفف".

دليل المربي المصري لإعادة تجميع المكونات ذهنياً
كيف تتغلب على هذه الحيلة عند الشراء؟ إليك الطريقة العملية التي نوصي بها في "كيلوزي". عندما تمسك بعبوة الطعام، اقرأ أول عشرة مكونات. إذا وجدت مثلاً: (دجاج، بازلاء خضراء، بروتين البازلاء، دقيق البازلاء، نشا البازلاء)، قم فوراً بدمج كل مشتقات البازلاء معاً. ستكتشف أن البازلاء هي المكون الحقيقي الأول والمهيمن على الوجبة.
في مصر، تنتشر الحبوب مثل الذرة والقمح بكثرة في الأنواع الاقتصادية. ابحث عن الكلمات المفتاحية التالية التي تدل على التجزئة:
- الجلوتين (مثل جلوتين الذرة)
- الدقيق (مثل دقيق الصويا)
- الألياف (مثل ألياف الشوفان)
- النشا (مثل نشا البطاطس)
عندما تجد هذه المكونات من نفس المصدر النباتي مكررة، فاعلم أن المنتج يعتمد على "الحشو" لتقليل التكلفة. السعر المرتفع في مصر لا يعني دائماً جودة أعلى؛ فبعض العلامات التجارية العالمية الشهيرة هي الأكثر استخداماً لهذه الحيل التسويقية. قارن دائماً بين المكونات التحليلية (البروتين والدهون) وقائمة المكونات الفعلية للتأكد من أن الأرقام تعكس واقعاً ملموساً وليس مجرد تلاعب بالكلمات.

مشكلات شائعة: ماذا تفعل إذا كان طعام أليفك الحالي مخادعاً؟
إذا اكتشفت أن الطعام الذي تقدمه لأليفك يعتمد بشكل كبير على تجزئة المكونات والحشو، فلا داعي للذعر أو تغيير الطعام بشكل مفاجئ. التغيير المفاجئ للدراي فود في بيئتنا قد يؤدي إلى اضطرابات هضمية حادة للقطط والكلاب. ابدأ بالبحث عن بديل يوفر شفافية أكبر، وقم بخلطه مع الطعام الحالي تدريجياً على مدار 7 إلى 10 أيام.
من العلامات التي تدل على أن الطعام يحتوي على حشو زائد وتجزئة غير صحية:
- تبرز الحيوان بشكل متكرر وبكميات كبيرة جداً.
- خمول الحيوان بعد الأكل مباشرة.
- بهتان لون الفراء أو تساقطه المستمر.
- رائحة فم كريهة وغير معتادة.
في الحالات التي يعاني فيها الأليف من حساسية، تكون تجزئة المكونات خطيرة جداً. فالمربي قد يعتقد أنه يتجنب "الذرة" لأنها ليست المكون الأول، بينما هي موجودة بتركيزات عالية تحت أسماء مختلفة، مما يسبب استمرار أعراض الحساسية مثل الحكة والتهابات الأذن. إذا استمرت هذه الأعراض رغم اختيار طعام "جيد"، فقد يكون الوقت قد حان لاستشارة طبيب بيطري في عيادة موثوقة في منطقتك لعمل فحص حساسية أو الانتقال لنظام غذائي علاجي (Prescription Diet) يكون أكثر صرامة في جودة مكوناته.

الأسئلة الشائعة
هل وجود الحبوب في طعام الكلاب والقطط سيء دائماً؟
ليس بالضرورة، فالحبوب توفر طاقة وأليافاً هامة. المشكلة ليست في وجودها، بل في استخدام 'تجزئة المكونات' لإخفاء نسبتها الحقيقية وإيهام المربي بأن اللحم هو المكون الأساسي بينما تمثل الحبوب 70% من الوجبة.
كيف أتأكد من جودة 'الدراي فود' المتوفر في السوق المصري؟
ابحث عن المنتجات التي تذكر نسباً مئوية واضحة (مثلاً: دجاج 25%) وتجنب المكونات الغامضة مثل 'دهون حيوانية'. كما يفضل اختيار الأنواع التي تلتزم بمعايير الـ AAFCO العالمية المطبوعة على العبوة.
هل الأطعمة الخالية من الحبوب (Grain-Free) تخلو من خدعة التجزئة؟
لا، فكثير من الأطعمة الخالية من الحبوب تستخدم تجزئة 'البازلاء' أو 'البطاطس' بدلاً من الحبوب. القاعدة واحدة: اجمع المشتقات النباتية معاً لتعرف الحجم الحقيقي للحشو مقابل البروتين الحيواني.
لماذا تختلف أسعار طعام الحيوانات في مصر بشكل كبير رغم تشابه المكونات؟
الاختلاف يعود غالباً لمصدر البروتين (لحم حقيقي مقابل ريش أو عظام مطحونة) ومدى الشفافية في الملصق. الأنواع الأرخص تعتمد دائماً على التجزئة لرفع نسبة الكربوهيدرات لتقليل تكلفة الإنتاج.
الخاتمة
في الختام، إن قراءة ملصقات طعام الحيوانات الأليفة هي مهارة أساسية لكل مربي في مصر يسعى لإطالة عمر أليفه وتحسين جودة حياته. تذكر أن أسطورة "اللحم أولاً" هي مجرد بداية الخيط، وأن الحقيقة تكمن في تفاصيل المكونات التالية. لا تتردد في قضاء دقائق إضافية في فحص العبوة قبل الشراء، وتجاهل الصور الجذابة على الواجهة. إذا لاحظت أي تغييرات غير طبيعية على صحة أليفك أو سلوكه الغذائي، فإن استشارة الطبيب البيطري المتخصص هي الخطوة الأمثل دائماً. صحة أليفك تبدأ من وعيك بصدق ما تضعه في وعاء طعامه يومياً.
المراجع والمصادر
تم الاستعانة بالمصادر التالية للبحث في هذا المقال:

